جمعة نبات





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكون قلوبكم بسعة الكون .

بدئاً أعتذرعن عدم وضع تدوينات الجمعة لعدة جُمَع ..
و لكن عدنا , و بإذن الله العود أحمد .


كل الحكاية تبدأ ببذرة , تتنفس الهواء و تسقى ماءاً فتنمو و تتسلق الأيام لتصبح نباتاً له جذوره و له قوامه .

كذلك هي حكاية كل ( صفة ) ..

سمِّ ما شئت .. 
شجاعة ؟ كرم ؟ لباقة ؟ إيثار ؟ صدق ؟ أمانة ؟ صمود ؟ ورع ؟ تقوى ؟ قوة ؟ 
قد تكون تمتلك الـ ( كرم ) و لكنك تريد أن تضيف الـ ( إيثار ) ..

كل الحكاية تبدأ بإرادة .. تجعلها تتنفس التطبيق كلما كان الموقف يسنح لها بالخروج .. و تسقيها بعزمٍ يصبغها حياةً كلما تغيّر لونها .. فتنمو و تتسلق ذاتك لتصبح صفةً لها جذورها فيك و لها قوامها الذي اختلط فيك فأصبحت صفة من صفاتك ..


و أحياناً تكون حكاية البذرة .. أنك رأيتها في بستانٍ أينع بها .. أنك ذقتها فكان مذاقها لذيذاً ..
فتزرعها .. لتنمو نباتاً في بستانك .

كذلك أحياناً تكون حكاية الصفة .. أنك رأيتها في إنسان فيه هذه الصفة .. أنك كنتَ في موقفٍ و رأيت تأثير هذه الصفة بعينك و شعورك .. 
فتطبقها .. لتنمو صفةً فيك و تصبح جزءاً منك ..


أحد الأمور التي تجعل بذرة الصفات تنمو .. أن تراها متمثلةً بكل معاني التجلّي في شخصٍ ما .. لتأسركَ حقاً و تجعلك تمتلك جزءاً منها و تزرعها فيك بشكلٍ لا إرادي و لا يبقى عليك سوى أن تسقيها لتنمو !! 

أحد تجليّات هذا الأمر , هو تجلِّ الإيثار .. الشجاعة .. الشهامة .. الأخوة .. الألم النبيل .. الأهداف السامية .. 
و الحق يقال .. تجلًّ لصفات الإسلام ! في كربلاء .. في معسكر الإمام الحسين عليه السلام ..
بشكلٍ عجيــب , حينما تقرأ في المصادر عن هذه الواقعة , حينما تسمع أنين الرياح و هي تنقل مواقف الإباء .. 
بشكلٍ عجيـب جداً .. ستمتلك جزءاً من حس الهيهات و من نصر الحق .. و من الصفات النبيلة جداً ..
عجيبٌ هو يوم العاشر ! .. واصل المعسكر الآخر منعه لمعسكر سيّد شباب أهل الجنة من الوصول إلى الماء .. و تقدّم أخوه أبو الفضل العباس عليه السلام بقربة ماء ليملأها ماءً و يروي ظمأ مخيّم سبط الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و صحبه الحق و سلم .. و بالفعل ملأها ماءً .. و لكن المعسكر الآخر كان يحمل من الدنيا بعينه ما جعله يتخلّى عن إنسانيته .. و قطعوا يد أبي الفضل اليمنى ! و أمسك القربة بشماله .. و تواصلّت وحشيتهم ليقطعوا شماله أيضاً !! و بقي أبو الفضل يحاول إيصال القربة .. و لكن سهامهم الوحشية قطعت كل تلك الآمال و رمت سهماً في القربة ليراق الماء !! .. و رمت سهماً في عين أبي الفضل عليه السلام !!.
أريق ماء عاشوراء .. و لكن عاشوراء ظلّت سقاءًا لكثيرٍ من الصفات على مدى العصور .. تسقي الكرم و تسقي الشجاعة و تسقي الموقف و تسقي الثبات و تسقي الإباء و تسقي الوفاء و و و و ... تسقي الكثير و العظيم لتزرع بستاناً عظيماً في جنة قلوب الإسلام .

أياً كانت الصفة التي تودّ ضمّها إلى صفاتك ..
فكّر بما تريد , استجمع إرادتك , و ابدأ بزرع نباتك 
و من أعماق القلوب لكل صفةٍ نبيلة تُزرَع :
 نتمنى لها أن تُنبِتَ نباتاً مباركاً يمنحك الكثير من النجاح على كل الأصعدة و في كل السنوات .


غريبة عن الروح هي كل تلك الصفات السوداوية .. و طمأنينة مريحة تفرشها كل صفة نورانية .
تذبل النباتات بلا عناية .. لذا لا تنسَ العناية بما اخترت زراعته .


جمعتكم إباء نباتات العظمة 
جمعتكم لا تخلو من الدعاء 
لكل تلك الأرواح التي لا تزال حيةً عند الربِّ العظيم تُرزق ( الشهداء ) 
و لكل الموتى بالرحمة , و لكل الأحياء بكل خير و نصر , و لكل المرضى بالعافية و النور , 
و لكل محتاج بتفريج كربته ..
و دعاءٌ عظيم .. يتفرّد على ساحات الأدعية .. بتعجيل الفَرَجِ الإلَهي .
و أن نكون من الممهدين له و من أنصاره .


جمعتكم نباتٌ حَسَن .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق