بسم الله الرحمن الرحيم
حينما تواجه الكرة الأرضية فقد عنصرٍ مهم .. فإن الحياة بعد هذا الفقد ستحمل فجوةً كبيرة و ستتأثر الحياة الكونية .
كذلك حينما تفقد الإنسانية أشخاصاً اهتموا بالإنسانية في كل الظروف بل و اهتموا بكل الإنسانيات حتى التي ستكون في القرن الذي يلي القرن الذي يعيشون فيه .. فإن الإنسانية بعد هذا الفقد ستحمل فجوةً تحنّ أنيناً لتلك العظمة .
الحوراء بنت سيدة نساء العالمين , عن الحوراء بنت من قال الرسول في حقه أنه رجلٌ يحبه الله و رسوله , أخت سيدا شباب أهل الجنة الحسن و الحسين . السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب عليهم السلام .
مما قيل عن هذه السيدة العظيمة , و من الدروس التي تؤخذ من مواقفها :
- السيدة زينب عليها السلام عفةٌ و مهابة :
عفة المرأة لا تعني الإنكفاء و الإنطواء , و لا تعني الجمود و الإحجام عن تحمل المسؤولية و ممارسة الدور الإجتماعي , و قد رأينا السيدة زينب و هي تمارس دورها الإجتماعي في أعلى المستويات . فالعفة تعني عدم الإبتذال و تعني حفاظ المرأة على رزانتها و جدية شخصيتها أمام الآخرين
- دخلت زينب بنت أمير المؤمنين كربلاء فاقدة أسيرة يُساق بها من بلدٍ إلى بلد و من طاغيةٍ لآخر , و خرجت من كربلاء و خلّفت تحت كل حبة من رمال كربلاء حكايةً مذهلة من العزة و الحرية و الإنعتاق من كل قيدٍ و أسر , فهي تمثّل فعلاً وصف القرآن جدها رسول الله الذي ذُكر به في التوراة و الإنجيل { وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } - سورة الأعراف آية 157
- لا أسر كتولي يزيد باسم الإسلام , و لا تحطيم للقيد كتحطيم زينب له .
- جائت زينب إلى عاشوراء و قد امتلئت علماً و ثقافةً و تجربة , و جائت زينب إلى عاشوراء و قد اكتسبت من أبيها كل تلك الشجاعة و كل تلك الصلابة ؛ لذلك كانت القوية في موقفها .
- كان الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء يأخذ كل شهيدٍ إلى زينب عليها السلام ليرى مدى تحملها , لِيُؤَمِّنَ عندها ثِقلَ النُبُوَة و ودَائِعَ الإمامة . لقد جسدت زينب في كربلاء صبراً لا حد له , حتى عجبت منه ملائكة السماء .
- السيدة زينب عليها السلام مدرسة عظيمة ترتقي بنا إلى العِلم و الحلم و الصبر و العفة فد أشبعت التاريخ من عبقها و نورها الزاهر , فصارت رمز المفاخِر و أمل النواظِر .
- لو لا زينب لما كان من المعلوم و الأكيد أن تنتشر حادثة عاشوراء كل هذا الإنتشار و تخلّد في التاريخ كل هذا الخلود .
- كانت السيدة زينب سلام الله عليها العامل الأصلي لانتصار الدم على السيف .
- إن هناك أمرين مهمين ميّزا السيدة زينب هما : - سأقتبس أحدهما فقط -
أولاً : عرفانها .. العرفان هنا بمعنى المعرفة , أي معرفتها بربها و خضوعها بين يديه .. أليست هي القائلة ( ما رأيتُ إلا جميلاً ! ) عندما سُئِلت : كيف رأيتِ صنع الله بأخيكِ ؟ .. و صلاة ليلها في ليلة الحادي عشر , لو جُعلت في كفة و صلوات الليل للبشر في كفة لكان لهذه الصلاة شأن متميز ؛ فهي في تلك الليلة كانت تصلي بين جثث القَتلى و قد ذهب رمقها و هي ترفع يديها إلى السماء , و تناجي ربها بأدعية الليل .
- كانت السيدة زينب عليها السلام في منتهى درجات العفاف , و كذلك في منتهى الجرأة و الشجاعة في الذب عن الدين بما أوتيت من قوة .. فهذه زينب التي لم يُرى في الخُدْرِ و الحياء مثلها . و لكنها مع ذلك كانت اللسان الناطق باسم الشريعة .. و من هنا صح أن يقال : كما أن الإسلام محمدي الوجود , حسيني البقاء .. فإن حركة الإصلاح كانت : حسينية الحدوث , زينبية البقاء .
السيدة زينب لم تكن تعيش لنفسها فتفنى و يفنى اسمها .. بل عاشت حياةً أرادت أن تُؤمّن بها الكرامة لكل من سيعيش بعدها ؛ فثبت اسمها في التأريخ كله و بالأخص على رفوف السماء .
السلام على العقيلة زينب سلاماً ما بَقِيَ الدهرُ .. على جبلِ الصبر و إباء الشموخ , سلاماً على القلبِ الكبيرِ و على أم المصائب .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق