جمعة إن بقينا





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا براحةٍ تخلّد الراحة للجميع .
 
 
فكرة ما سأكتب عنه اليوم هو فكرة أشبه ما تكون بفكرة النبتة .. فحينما تُزرع النبتة تحتاج فإنها تحتاج لمكانٍ يمدها بكمية مناسبة من الضوء لتنمو .. ثم تُزرع البذرة أولا ً .. و من ثم تحتاج إلى سقي ماء في اليوم ..و هكذا إلى أن تصبح مثمرة , و حينما تصبح مثمرة تحتاج إلى من يقطف ثمارها .. و و و .. تبقى الدائرة تحتاج إلى حركة لتكتمل .

حياتنا كذلك .. تحتاج منا لأن نتحرك لا أن نقف في مرحلةٍ ما أو في موقفٍ ما طوال العمر , بل نتحرك و نتحرك لنرسم دائرةً يبتسم كل من يراها أملاً =) .


مثال بسيط آخر متعارف , إن كان لدينا اختبار في الغد فلدينا خياران , إما أن نجتهد في المذاكرة , أو أن نتجاهل المذاكرة .. إن بقينا على الكسل فإن المستقبل الرحب سيضيق أمامنا شيئاً فشيئاً سواءً أكان ذلك الكسل هو تجاهل للعمل , أو استلقاء و نوم دون حاجة فقط للمماطلة و تضييع اليوم .
 
إن بقينا جامدين دون حركة .. فإن أعضاءنا الحيوية تدريجياً س تضعف , و سنتنفس بقوة بعد دقائق لأن جسدنا كاد أن يصل لحالةٍ لا يُحمد عقباها , و تفادى جسدنا ذلك بأن جعلنا نتحرك رغماً عنا .
جسدنا لا يقبل بأن يبقى ساكناً دون تنفس أو دون حياة , فكيف نقبل نحن أن يكون لون يومنا هو لون الـ " لا حياة " مصطبغاً بصبغة الـ " كسل "
 
حسناً , إن كنت تشعر بالعطش  الشديد, و لا أحد في المنزل سواك .. فأنت أمام خيارين , إما أن تقوم و تجلب الماء لنفسك , أو ان تنتظر أن نفاذ الماء من جسدك تدريجياً  .. فإن بقيت محاطاً بهالة الكسل فإنك من سيواجه النتائج السلبية لهذا القرار .
 
إن تمنينا نصر فلسطين .. و لكننا بقينا متكئين على الوسادة , أخبروني أي نصرٍ نتوقع حدوثه ؟ إن كنت أنت متكئاً و هو متكئ و الكل متكئ فمن سيتحرك .!   
 
 
 
إن أردنا فإن كل شيءٍ ممكن , و لكن إن بقينا فإن الممكنَ يغدو مستحيلاً ..
 
إن بقينا في أماكننا , إن بقينا محاطين بغشاء الجهل , إن بقينا غير منتجين .. فإن حياتنا حتماً ستصطبغ بللون الأسود و كل من سيراها من الأجيال القادمة سيرثي حال هذه الحياة .
 
سأخبركم عن الجهة الأخرى من العالم .. فهناك كثيرٌ من الأرواح المحاطة بكمٍ هائلٍ من الجمال لا يعرف الكسل أسبوعاً من حياتهم و لا يعرف اليأس طريقاً إلى أمنياتهم ..
هو لديه اختبار مثل الآخرين تماماً , بيدَ أنه غير بارعٍ في هذه المادة بشكل يؤهله للنجاح فيها .. بدل أن يصاب بالقنوط و البكاء .. قرر أن لا يبقى في هذا المكان ذاته , قرر أن لا يبقى غير بارعٍ فيها طوال حياته , فبدأ قبل الامتحان بوقتٍ طويل المذاكرة قائلاً : إن كان الآخرون يذاكرونها يومين و ينجحون , فإن ذاكرتها لمدة أسبوعين فما المانع أن أنجح أنا أيضاً ؟ و بالفعل نجح .
 
شخصٌ أصبح يومه نسخةً من أمسه , و أصبح أسبوعه تماماً كالأسبوع الماضي , يعرف ماذا سيحصل لأنه قد حصل في الأسبوع الماضي .. و لكن إلى متى ؟
قرر أن لا يبقى في هذا الروتين لمدةٍ أطول ! فحزم أمتعته من عالم الملل و سافر إلى عالم المغامرات , أصبح يرحب بكل شيءٍ جديد يمكن أن يستفيد منه .. فيمكننا أن نجزم بأن يومه هذا لا يشبه ذلك اليوم في الأسبوع الماضي .
 
شخصان في نفس الغرفة كلاهما يتضور جوعاً .. الأول يعرف كيف يطبخ و لكنه يشعر بالكسل , الثاني لا يعرف كيف يطبخ و لكنه قام من مكانه و تناول تفاحة ..
الأمر بسيطٌ جداً فقط قام من مكانه و أخذ تفاحة .
و لكن الكسل مشكلةٌ كبيرة لا يستطيع البعض التخلص منها , و من لا يتخلى عنها ستغدو حياته يوماً كحياته الـ " جهلاء " .
 
شخصٌ يتمنى نصرة فلسطين , فدرسَ و اجتهد لمعرفة نقاط الضعف لديهم , و أصبح يوماً ما من كبار القناصين الذين يستطيعون تدمير الطائرات المفخخة التي تنوي قتل الأرواح البريئة ! , كان أمامه حلٌ بسيط و هو أن يبقى على فراشه و يتمتم بأمنياته فقط , كان يستطيع أن يذهب بلا علمٍ و يقتل العدو ببساطة و لكن عدم علمه سيؤدي بأرواح أبرياء بجانب روح العدو أيضاً ! و لكنه اختار الطريق الأصعب بالنسبة لمن يحب الكسل .. فقد قرر هزيمة العدو , و لكن كان عليه أن يتسلح بسلاح العلم أولاً فذهب و شق طريق العلم إلى أن وصل .
 
 
 
كلنا يمكننا أن نبقى على حال و ندعو بأن لا تتغير حالنا , و لكن هناك دعاءٌ جميل أجمل من ذلك الكسل .. " اللهم يا مغير الأحوال حوّل حالنا بحسن حالك إلى أحسن حال "
كلنا يمكننا أن نبقى بلا حركة , و يمكن لحياتنا أن تبقى مملة , و نبقى نرى الآخرين يحققون الانتصارات تلو النجاحات و نحن لا نحقق شيئاً و هذا طبيعي لأننا في الأصل قررنا البقاء بلا حركة
 
و لكن .. يمكننا أن نتحرك , أن نستكشف , أن نتعلم , أن نغوص , أن نملأ حياتنا حيوية , فنكون ممن يحقق انتصاراً تلو انتصار , نجاحاً تلو نجاح , و يرسم ابتسامةً أوسع من سابقتها =)
 
إن بقينا على نفس الحال , فمستقبلنا الواسع سيصبح ضيقاً , و إن بقينا على نفس الحال .. نجاحاتنا الرائعة ستغدو فشلاً
 
هذا لن يحصل إلا إن بقينا , و لكن هذا لن يحصل ! لأننا لسنا من قوم " الكَسَلة "  =)
 
جمعتكم جمعةٌ مفعمة بالحياة , جمعةٌ تزدهر فيها صحائفكم بالحسنات بلا توقف
و تمتلأ أرواحكم أدعيةً للشهداء و الموتى و المرضى و الأحياء و المحتاجين بلا انتهاء
و جمعتكم تجديدٌ بلونٍ أقوى للدعاء بتعجيل الفرج الإلهي و أن نكون من الممهدين له .
 
أرواحنا طموحها عالٍ جداً .. فلا يليق أن نكون ممن يبقى على نفس الوتيرة و نفس اللون , تذكروا جيداً نحن ممن حياتهم تزدهر بالألوان .
نـَفـَـسٌ عميق .. املؤوا أيديَكم ماءً .. اسكبوه على وجوهكم و انطلقوا =)

 
جمعتكم مباركة .
 


 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق