السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا بقربٍ مما تحبون أن تكونوا فيه .
راحةٌ عجيبة نتمناها كلما امتلأنا بشيءٍ في دواخلنا . إن امتلأنا حزناً , هماً , انكساراً , خيبةً , وجعاً , غماً , فرحاً , سعادةً , ابتسامة كبيرة , تحققاً لشيءْ , شوقاً , جمالاً ..
أجل في كل حالاتنا نتمنى قرباً من الراحة , فلا نريد أن نُؤسر في أعماقات الأوجاع بلا راحةٍ تهمس أنها تحيط بنا , و لا نريد أن تضيء بنا الأفراح دون راحةً و طمأنينة أنها لن تشتعل حروقاً .
أجل في كل حالاتنا نتمنى قرباً من الراحة , فلا نريد أن نُؤسر في أعماقات الأوجاع بلا راحةٍ تهمس أنها تحيط بنا , و لا نريد أن تضيء بنا الأفراح دون راحةً و طمأنينة أنها لن تشتعل حروقاً .
مهما كان ما يضج به داخلك الآن , من أي تناقضٍ ( مهما كان في أعالي الحزن , أو في أعماق الفرح ) .. فإن البوح به و وجود من يشاركك به لأمر مريح , أؤكد لكم أنها ليست راحةً عجيبة فقط , بل راحةٌ مهيبة , راحةٌ أجمل من الفرح نفسه , راحة تمسح على الحزن فتمسحه مسحةً نورانية , راحةٌ عظيمة , راحة أحب أن أسميها بـ " السجدة الطويلة " .
لدقائق فقط , فلتهدء كل الأصوات , و ليهدء كل ضجيج , و لتبتعد كل الأفكار , و لتخلو الساحة من كل كل كل شيء .. لدقائق فقط أنا و الصمت و الأرض فقط .
سجدةٌ طويـلة فيها بح بكل ما تريد , بكل ما يضّج بداخلك , بكل ما تحمله من أثقال , بكل ما تريد أن تصرخ به .. أجل بكل تلك الكلمات التي تسكن في الأعماق .
إن أردات الدموع أن تشاركك في هذه السجدة فلا تمنعها , إن أرادت جوارحك أن ترتعد فاتركها , إن أردت أن تجهش بالبكاء فافعل .
ستهمس الراحة و هي تطبطب على ظهرك : أنك لست وحيداً , فلك ربٌ عـظيــم أعظم من كل مخلوق , قديــر على كل شيء يقول للشيء كن فيكون , يراك , يسمع نجواك , و يعدك حسن الثواب على كل حسنةٍ , و يهيّء لكَ من العطايا فوق ما تتخيل .
بِحق سترى أن تلك السجدة هي راحة متمثلة بأبهى أنواع الراحات , بأجمل هيبات القرب , بأروع همسة مريحة تهزّ الكيان , بأكثر بوحٍ مريــح .. لا حدود و لا نهاية و لا شروط لذلك البوح , فأنت تبوح للسميع العليم , و لا وقت محدد لإنهاء بوحك , يمكنك أن تطيل كما تشاء , لا قواعد لذلك البوح , يمكنك البكاء و البوح كما تريد , إنها أعظم راحة قادرة على زلزلة التأريخ .
كلما جاءتك نعمة اقترب للأرض و اسجد , كلما أُبعدت عنك كربة فاقترب للأرض و اسجد , كلما فقدتَ شيئاً و أنت موقن بأن خالق الأكوان له حكمةٌ في ذلك فاقترب للأرض و اسجد يقيناً بما سيجازيك الله عليه , كلما شعرت برغبة للبوح فاقترب للأرض و اسجد , كلما امتلكت حلماً فاقترب للأرض و اسجد , كلما تحقق لكَ شيءٌ مذهل فاقترب للأرض و اسجد , كلما امتلأت في داخلك شعوراً فاقترب للأرض و اسجد و ادعو من الأعماق .
أينما كنت , كيفما كنت , فإن الله دائماً يسمعك .. أفي صلاتك الواجبة أم في سجدةٍ مفردة .. فإن هذه السجدة الطويلة ستشكل فارقاً يزلزل حياتك .
ثق دوماً , لستَ وحدكَ .. فإن هناك رقيب سميع عليم "يراك دوماً ".
و ثق أيضاً , لست وحدك من يسجد هذه السجدة الطويلة , فكثيــرٌ يحبون هذا البلسم المهيب بل و يعشقون السجود دوماً .
السجود يرتبط بالدعاء , فلا تنسوا أخوتكم المحتاجين لدعاءكم من الدعاء .
لا تنسوا في هذا اليوم العظيم الشهداء , و الموتى , و الأحياء من طاهر دعاؤكم .
و دعوةٌ تتفرد في ساحات الأدعية : دعوةٌ لتعجيل الفرج الإلهي .
جمعتكم راحةٌ مهيبة , سجدةٌ طويلة .
* اعتنقت هذا الدرس من سيد الساجدين و زين العابدين , الإمام علي بن الحسين بن علي عليهم السلام .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق