جمعة تضحية



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً؟ أتمنى أن تكونوا من المرتوين من غيمة الرحمة.

كلما كبر الهدف كبر مقدار التضحية ..
إن كان الهدف النجاح .. فستحضي بوقتِ اللعب و تقضيه بالمذاكرة
و إن كان الهدف أكبر .. بأن تنجح بدرجاتٍ عالية جداً .. فستضحي بوقتٍ أكبر و تجتهد أكثر ..
هذا الحال في الأهداف قصيرةِ المدى,
فكيف بهدفٍ طويل بطول الوقت مذ خلقت السماوات و الأرضون إلى يوم يبعثون !
أجل, فكيف بالأهداف السماوية ..


كيف يمكن أن يكون الهدف كبيراً هكذا؟
كربلاء .. أرضٌ حَوَت هدفاً بحجمِ ضخمٍ جداً يحمله الإمام الحسين و من معه ..
هدفاً تتضح ضخامته كلما أمعنت النظر في التضحياتِ التي قدمت في كربلاء!
و كلما نظرت للألم الذي كان يرافق التضحية بكل تضحية في سبيل هدفٍ كبيرٍ جداً !

الدرجة التي وصلت إليها التضحية في كربلاء تجعلنا نتأمل, ما الهدف الذي كان يحمله الحسين بن علي؟ 
هل كما يدعي البعض بأنه كان يريد السلطة ؟ أم كما قال هو بأن هدفه كان الدين و إصلاح ما أفسده الناس؟
لو كان لسلطةٍ أو حكم .. فهل حينما بقي هذا الأمل حينما تقابل الجيشان 72 مقابل 30,000 ؟ ألم يكن عليه أن يستسلم حينها و يقبل بولاية أو حكمٍ لمنطقة معينة ؟ 
كل ما في معسكر الإمام الحسين يبيّن بطلان هذا الإدعاء ! 
و يبيّن بأن هدفها كان كبيراً , كبيراً جداً ! 


لأيِّ درجةٍ وصلت التضحيات في كربلاء ؟ بالروح , بالأصحاب, بالأولاد , بقلوبٍ تعتصر, بدماء تلتهب, بروحٍ تكتوي صبراً , و الكثير ... أصحابٌ هم خيرُ الأصحاب ..و ثلةٌ مؤمنةٌ تحمل دماء النبي في عروقها و تحمل أهدافه في مسيرتها , شابٌ هو أشبه الناس خلقاً و خُلُقاً بالرسول الأكرم !! , طفلٌ رضيع يأن من العطش -لم ترحمه سهام العدو-, و سبط النبي سيّد شباب أهل الجنة! .. و كل تضحية من هذه التضحيات خرجت بيقين و بإيمان .. بصبرٍ و ثبات !
من يقرأ عن كل تضحية و لو قليلاً .. سيتسائل كيف لقلبِ الإمام الحسين أن يصبر !؟ كيف لكل فردٍ منهم أن يصبر !!
ينقل عن أحد أفراد المعسكر الآخر بأنه ما رأى أربط جأشاً من مثكولٍ بأهله و ولده من الإمام الحسين !,
"فَوَاللهِ مَا رأيتُ مَكثورَاً قَطّ، قَد قُتلَ وُلدُه وَأهلُ بيتِه وَصحبُه أَربطَ جَأْشَاًً مِنه، وَلا أَمضَى جِنَانَاً وَلا أَجْرأَ مَقدَمَاً، وَلَم أَرَ قبلَه وَلا بَعدَه مثلَه، وَلقد كَانت الرِّجالُ لَتَشدُّ عَلَيه، فَيشدُّ عَلَيها، فَتَنكشفُ بينَ يَديه..."
هل كان قلبُ الإمام الحسين مقطوع النياط لدرجة لا تمكنه من الشعور بالألم؟ أم أن هناك أمراً سماوياً يرتبط بالقضية فيجعله يصبر ؟
يتضح الجواب من خلال مقولةٍ للإمام الحسين :
"هوَّنَ مَا نَزَلَ بي أنَّهُ بعينِِ اللهِ"

-و حققت تضحية كربلاء إنتصاراً بقي و سيبقى ممتداً على مدى التاريخ-


و كلما كان هدفكم أكبر و أسمى , كلما كانت الدعوات تحفكم ليتكلل هدفكم بالنجاح 
كلما اقتضى منكم تضحيات كبيرة و صبر كثير, فتذكروا أن الهدف الكبير و السامي يستحق 
*في هذه الكرة الأرضية الكثير من الأهداف, و كثيرٌ منها كان و لا يزال يكبر و ينمو 



من وهب العزيمة وهب الصبر .. فلا تيأس , و احلم و امتلك أهدافاً كبيرة 

جمعةٌ لا تخلو من إرسال الدعوات للشهداء
و الموتى و الأحياء و كل مكروب ..

و دعاءٌ يضيء بشدة في مسرح الأهداف الكبيرة ..
دعاءٌ بتعجيل الفَرَجِ الإلهي 
و أن نكون من الممهدين له و من أنصاره.

جمعتكم صبرٌ و ثبات
جمعتكم مباركة .

كلما وددت أن أكتب و أكمل هذه التدوينة كنت أصرفُ نفسي لعملِ أمرٍ آخر, لأن الموضوع كبير ! الظلامة كبيرة! التضحيات كبيرة! الأثر ضخم! الحدثُ يضمُّ الكثير من الجوانب و كل جانب منهم هو كبيرٌ بحدٍ لا يوصف!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق