السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا أفضل كثيراً مني .
اشتقت كثيراً للكتابة , مضى وقتٌ لم أعبِّر فيه و لم أكتب هنا .. فاخترت أن يكون اليوم يومَ حديثٍ من القلبْ .
في هذه الأيام .. رُفِعَ غشاءٌ فأصبح بصري يرى كل شيءٍ بشكلٍ مختلف ! كل شيءٍ أصبح تجلياً جميلاً .. و كل موقفٍ يحدث هو مقدمةٌ لأمورٍ عظيمة قد لا ندركها الآن , و لكن حينما نستعيد الموقف مستقبلاً سندرك كيف كان أمراً مفصلياً لهذا التحول المذهل ! ..
لقد اكتسبت و تعلمت أموراً لم يُخيّل لي أن أتعلمها في مجرد أيامٍ قلائل , و لكن الحمد لله فهمت أموراً جميلة جميلةً جداً ! اكتشفت أموراً مهيبةً في قُدسها , و تجوّلت في ساحة الطُهر.. عَشِقتُ الكون كما لم أعشقه من قبل, أبصرتُ اللطف الخفي الذي يحيط كل أمورنا بمعنى الكلمة !
عِشتُ أيامَ كِفاحٍ لم أكابِد عناءها كما عانوا .. و لكن كلنا خرجنا بفهمٍ مختلفٍ عن الأمس ! خرجنا من ضيق الشرنقة , خرجنا مُتيّمِينَ وَلِهينَ لساحات القُدس ْ .. خرجنا حامِدِين شاكرين لكل ذلك اللطف الذي يشملنا رغم صغر حجمنا و رغم كثرة جحودنا .. خرجنا بأعين تبكي امتناناً =")
لِكي لا أطيل عليكم .. سأحُدِّثكم بذلك , و طبِّقوه على زوايا حياتكم كيفما اتسّم لونها في البداية أسوداً أم ملوناً ..
كل موقفٍ , و كل حَدثٍ .. إنما يحمل معه أموراً بالمستقبل نجهلها اليوم .. قد نُحرَم اليوم من رغيفِ خبز , لننال في الغد كيساً كاملاً يكفي لكل من نُعيلُهمْ , و قد نخسر اليوم صفقةً ما , لنحسنّ من نقاط ضعفنا و نكسب في السنة القادمة شَراكَةً تعود بربحٍ و فائدةٍ لم نكن نحلم بها ! .. قد نبكي اليوم على شيءٍ ما , و في الشهر القادم نكتشف أنه لولا ذلك الموقف لما حصلت لنا سعادةٌ كبرى ! .. قد و قد .. و كم نجهل نحن الكثير من اللطف الخفي المحيط بنا و نظن بأن اليوم هو نقطة الحكاية و لن يحدث أي شيءٍ بعدها ..
أذكر عبارةً قرأتها ذات يوم تشير إلى ذات المعنى ..
قد تأتيك هديةٌ من السماء مغلفةٌ بابتلاء , فافتح الغلاف أولاً لتحصل على الهدية =)
من خَلَقك غيرُ جاهلٍ بأحوالك , و من هو عالمٌ بما تظهر و بما تخفي غيرُ عاجزٌ على أن يسعدكَ بما لا يخطر ببالك , من هو عالمٌ بحالكَ تماماً و عالمٌ بما سيؤول إليه المستقبل غير عاجزٍ عن استجابة دعائِك .. و لكن دعاءك ليس دوماً يصبُّ في مصلحتك على المدى البعيد .. فكما لو لم تحرم من رغيف خبز واحد ذلك اليوم لما حصلت على ما يكفيك و يكفي أسرتك .. لربما كان ما تحاول دفعه عنك اليوم هو سبب حصول الأجمل لك غداً .. حينما يكون لديكَ رَبٌّ يعلم بحالك و يعلم بما هو الأفضل لك و ما تحتاجه لتصل إلى تلك السعادة , و يعلم تفاصيل سَيرِ كل شيءٍ في هذا الكون و قادرٌ على أن يغيّر ما بالكون و على أن يغيّر ما يحصل و يهيأ لك الأسباب ليعبّد لك طريق النصرْ .. حينها تستطيع أن تضع كل أمنياتك و ترتبها في سلة فترفع أكفَّك مفوَّضاً إياها إلى الله تعالى متيَقناً بأن الخِتامَ مِسكٌ و ريحانٌ , سعادةٌ و جمالٌ .. هنيئاً لمن فوّض كل أموره لله تعالى فيحصل على مُلكِ سعادةٍ لا يمكن لنا أن نتصور جزءاً منها !
في هذا الكون حكمةُ وراء كل شيء ! عظيمةً بشكلٍ مهيب هذه الحِكَمْ ! ففهم حِكمةٍ استترت خلف موقفٍ واحد غيّرت النظرة التي أحملها للكون أجمع , كيف حينما نفهم مزيداً من الحِكَم ؟! متشوقةٌ جداً لأن أفهم المزيد من هذه الأسرار الإلهية المزروعة في الكون =)
هو فَيضٌ لا ينتهي , و هذا اللطف إنما هو قطرةٌ من محيطِ الرحمة الإلهية
=")
هوَ لطفُ معجزةِ العطاء , و توالي النِعَم .. فشكرٌ لا ينتهي , و امتنانٌ لا يفْنَى و إن فَنى جسدي .. بقلبٍ ينبض من الأعماق " حمداً لكَ يا الله "
" تصاغَرَ عِندَ تعاظُمِ آلائك شكري , و تضاءل في جَنبِ إكرامك إياي ثَنائِي و نشري , جَللتنِي نعمك من أنوارِ اللإيمان حُلَلا " - مقطعٌ مِن مناجاة الشاكرين للإمام زين العابدين عليه السلام .
كانت عيني , و كان قلبي , عقلي و يداي .. بل كيانيَ أجمَع كان يشارك في كل حرفٍ من هذه التدوينة .. فكلما أذكر شريط حياتي أرى زخماً كثيررراً متمثلاً حتى في أبسط المواقف جعلني اليوم كائناً مختلفاً يستطيع أن يخطوَ نحوَ الحلمِ الذي اختاره =")
جمعتكم لا تخلو من دعاءٍ صادقٍ ينبض للشهداء و الموتى , للأحياء و المرضى و كل من يحتاج ..
و دعاءُ يتفرَّد على ساحات الأدعية كلِّها بتعجيل الفَرَجِ الإلَهي و أن نكون من الممهدين له و من أنصارِهْ .
جمعتكم لطفٌ تُبصِرونَه , و تحمِدون الله عليه فيكون جزاءكم و لئن شكرتم " لأزيدَنّكم "
جمعتكم مباركة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق