جمعة مظلوم




السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكون أرواحكم باتساع الكون .

الإمتناع عن أخذ الشيء أمرٌ مختلف عن أن يسلب منك أحدٌ هذا الشيء . 
متى ما كان ذلك الشيء المسلوب منك هو أحد حقوقك أو ممتلكاتك و أمورك .. متى ما أُخِذَ منك قهراً .. كًنتَ مظلوماً . 
قبل إكمال القراءة , أينما كنت و كيفما كنت .. قل " الحمدُ لله " .

انظر إلى ساعة جهازك و راقب الأرقام التي تكون الدقائق و الساعة الحالية .. في هذه اللحظة , الآن .. هناكَ أعدادٌ مهولة و مفجعة من المظلومين ! 
هناك دموع بعدد ذرات الهواء ! هناك شهقات مؤلمة حد الوجع ! هناك صرخات تبكي لها الأذن ! هناك ألم .. هناك فقد .. هناك قلبٌ منكسر .. هناك احتياجاتٌ لا تُلَبّى .. هناك تعداد سكاني أضحى نصفه جثثاً .. هناك دماءٌ بعمق البحر .. هناك خوفٌ لا ينتهي .. هناك جروحٌ لم تُضمّد ! هناك من الوجع ما لا يمكن تصوّره ! 


هناك من حُرِمَ من لون الحياة .. لا طعام , لا مأوى , لا حقوق .. فاصبح وجههم بلا ابتسامة .. 
الهناء و الرخاء اصطُبغ بالسواد .. الرؤية أصبح منعدمة الوضوح .. 
البكاء و الدموع , الخوف من القادم و الذكريات المؤلمة .. 
  و هل من مجيب ؟  


هناك من حُرِم من البقاء على قيدِ الحياة .. فَ حُرَم من حوله منه أيضاً ! 
هناك أراضٍ تشبّعت من الدماء .. و المبكي أن أصحاب الدماء هم أصحاب هذه الأرض . فأصبحت الأرض أيضاً تبكي بلون دماءهم ! 
جريمتهم لم تتعدى المطالبة بحقوقهم .. المطالبة بحقوقهم المشروعة فقط ! لم يشهروا سلاحاً , رشاشاً , مسدساً ! فقط .. أرادوا ما هو ملكٌ لهم ! 
و يدّعي البعض أنهم مؤسسة تحمي حقوق البشر ! تضع قوانين و تلقلق بألسنتها ! يستطيع البغباء ترديد الكلام كما يفعلون ! البشر يريدون أحداً ينصت لهم , يحدد المواقع الصحيحة من الخاطئة .. يتخذ القرار الإنساني .. و يبدأ بالتفيذ دون خوف . 
أي أحدٍ يدعي أنه يحمي حقوق البشر , رجاءً فليراجع كل تلك الدماء التي سقطت , و ليراجع كل تلك الأيدي التي غُلّت , كل تلك الأبدان التي عُذبَت .. كل تلك الحيواتِ التي أُزهَقت ! فليضع حقيبة المصالح جانباً و ليحمل الإنسانية على كتفه و ليرى من هو المذنب و من هو المظلوم ؟ 
التأريخ سيحسبها نقاطاً سوداء ضدكم , و الأجيال ستعرفكم ك مدّعين لأمورٍ لا تنفذونها , و المستضعفين سيحذفون كل كاذبٍ من قائمة الأمل .

و يبقى السؤال .. كلنا بشر , كلنا نسكن نفس الأرض .. فلمَ يصرّ البعض على ظلمِ الآخرين ؟

( كل حياةٍ سُلبت .. كل شخصٍ بقي يعاني آلام دماء شخصٍ يعرفه .. كل دمعةٍ رافقتها شهقة ) .. كل هذه الأمور ليست أموراً أتت في يومٍ واحدٍ و انتهت .. إنها آلامٌ فُتقَت جروحها منذ القديم و لازالت تنتظر الضمادة التي تحتويها فتمسح عليها ببلسم الصدق الطاهر و تشفيها . 


هناكَ من حُرِم من الإنطلاق .. و من الإبداعِ بصورةٍ واسعة بقدر ما يستطيع
 .. فنظراتُ الآخرين تكون قاتلة أحياناً و كلام البعض كالسكين الحاد لا يعرف الرحمة .. 
الجميع كما أنتم , يهتمون بإظهارٍ مالديهم بأفضلِ طريقة ممكنة , لذا إن لم يعجبك ما قدموه سواءً أكان شيئاً أم رسماً أم خطاً أم فكرة أم أي شيء فانتقِ عباراتك , رفقاً به فلقد صرف اهتماماً كثيراً ليظهره . 

لم يعجبك ما صنعه الآخرون ؟ قل له بكل احترام .. أعلم أنك استغرقت فترةً طويلة في انتاج هذا , و أن تستمر على شيءٍ واحد لفترة طويلة هو عملٌ جيار لا يستطيع الجميع فعله .. و لكن أظن بأنك تستطيع فعله بشكلٍ أفضل من ناحية كذا و كذا . 

لم تعجبك فكرة أحدهم ؟ بكل أدبٍ قل له .. أتفق معك في أننا بحاجةٍ إلى فكرةٍ بديلة أيضاً .. و لكن ألا تعتقد من أن الفكرة لا تزال ناقصةً و تحتاج للتعديل كذلك من هذه الناحية , فلنفكر بفكرةٍ أخرى أيضاً . 

لم يعجبك أكل أحدهم ؟ لم يعجبك لباس أحدهم ؟ لم يعجبك لون القلم الذي يكتب به ؟ بكل احترامٍ أقول لك بأن هذه الأمور ذوقه الشخصي و اختياراته التي تريحه . و لكن مجدداً إن كان الموقف يستدعي , فمثلا لو كان الطعام لا يتناغم مع حالته الصحية , أو كان لباسه لا يناسب العمل الذي سيذهب لإجراء المقابلة الشخصية له , أو كان القلم الذي يوقع به لا يُسمح به في الأوراق القانونية .. فلا تقل له ذلك بعنف و كأنك علمته هذه المعلومة مذ خرج من بطن أمه إلى اليوم و فعلها عناداً لك ! أظهر له المعلومة بطريقةٍ لبقة .. فمثلاً لو جئنا للون حبر القلم .. قبل أن يوقع قل له مهلاً .. الأوراق القانونية لا يمكن التوقيع عليها إلى باللون الكذا , فهل لديك هذا اللون أو آتيك بقلم بهذا اللون ؟ 


هذه المرة تدوينتي لم تكن رسالةً عامة .. بل رسالةُ خاصة لكل من يريد السير على طريق الإنسانية و مساعدة من يحتاج .
فمن لا يريد ذلك لا أستطيع إجباره .. و لكن متى ما قرر بنفسه أنه يريد الإلتحاق .. فالإنسانية تشمل الجميع و مُرَحبٌ به . 

" ليس حراً من يهانُ أمامه إنسان و لا يشعر بإهانة " - نيلسون مانديلا الراحل .


" مسني الضر و أنت المرتجى و الكريم المستجاب الملتجى " 
و هناك كثيرٌ من الأرواح التي تشع نوراً و تمسح دموع المقهورين ببلسم الطهر .
و هناك كثيرٌ ممن يقف مع المظلوم فيكون صادقاً في مواقفه كلها , و يكون للسماءِ بنقاءِهِ أقرب . 

جمعتكم دعاءٍ للنصر , دعاءٌ للرحمة و لتخليصهم من آلامهم و لجعلنا ممن يساعدهم
جمعتكم دعاءٌ للأحياء و الموتى و الشهداء و المرضى
و دعاءُ يتفرد على ساحات الأدعية بتعجيل الفرج الإلهي 


جمعتكم مباركة



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق