جمعة وعي




السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا من المرتقين لسلالم العلو و السمو و الوعي .


قبل أن أشرع في الكتابة سأقتبس معنى الوعي , الأول من معجم و الثاني من موقع .. 
الوَعْيُ : الفهمُ وسلامةُ الإدراك / وعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً وأَوْعاه: حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ .. والوعي بأمر ما يتضمن معرفته والعمل بهذه المعرفة. 
كلا هذان التعريفان هما الوعي الذي أقصده , إن أردتم الخلاصة فهذان التعريفان هما المقصد . 



أول إدراك يجب أن تمتهنه ليمتلكك الوعي هو إدراك النظرة عن كثب .. 
فهناك كثيرٌ من التفاصيل التي لا يراها من يرى المنظر من بعيد .. كثيرٌ من الجمال المحيط بنا , كثيرٌ من الحقائق التي تمتلأ بها الصفحات و الأمور .. 
و لكن إن لم تتحرك لتقترب منها و ترى , فكيف تتوقع أن يكون عقلك مدركاً لها ؟ 
هناك الكثير من قطرات الندى الموجودة على الأزهار .. و لكن إن لم تذهب لترى زهرة فكيف سترى الندى الموجود عليها ؟
هناك الكثير من الحقائق التي يمتلأ بها التأريخ .. و لكن إن لم تقلّبه و تتصفحه بحجة أن مالديك من معلومات يكفي , فكيف ستعرف الحقيقة الحقة ؟ ( هذه النقطة هي التي دفعتني لكتابة هذه الجمعة وعياً .. فلقد اكتشفت كثيراً كثيراً كثيراً من المعلومات التي كنت أظن أن لا كتاب يحويها لعدم وصولها لهذا العصر .. و لكنها كلها كانت تحتاج مني لفتح محرك بحث و كتابة اسم كتاب واحد لأرى ذلك الكم الهائل مما كنت أجهله , بل أجهل وجوده في الكتاب أصلا ! ) 
هناك كمية هائلة من النور المشرق صباحا , و لكن إن كانت النافذة مغلقة و مختبئة وراء ستار , فكيف للأشعة أن تتسرب و تحيط بك نوراً ؟ 

إدراك النظرة عن كثب يؤهلك لاكتشاف الجديد , تجربة الجديد , و يضعك في مغامرة لا تنتهي من الجمال .





إدراك النظرة عن كثب هو توأم للنظرة العادلة .. أي أن ترى الأمر من أكثر من زاوية و لا تحصره بزاويةٍ ما فتجعل الأمر كأنه إما هذه الزاوية و إلا أنك ستموت إن جربت النظر من زوايا أخرى ..

النظرة العادلة تعني أن تمحي أي ارتباط بالزاوية التي تحب النظر منها .. و ترى من كل الزوايا بنفس المقدار , دون تحيز لأي زاوية .
و من ثم تبدأ بالتحليل و التقييم لتخرج بأفضل زاوية , سواءً كانت الزاوية التي تحبها مسبقاً أم لا ..
من يمتهن النظرة العادلة ( الغير متحيزة ) يمتهن الصعود لأرقى المراتب الإنسانية بسرعة .. فهو باحثٌ عن الحق بكل عدلٍ و جمال .

تخيلوا معي لو أن أديسون ( مخترع المصباح الكهربائي ) عند أول تجربةٍ له فاشلة لاتختراع المصباح ظل متمسكاً بأن الطريقة التي استخدمها هي الطريقة الوحيدة لصنع الكهرباء و بعد تجربتها باءت بالتحطم و فشلت ! .. لو أنه فكر هكذا و بقي يرى إنارة المصباح من زاوية طريقةٍ واحدةٍ فقط لما استمر .. و لكنه بدء بالتفكير بطرقٍ أخرى و بدء النظر بزوايا عدة .. إلى أن اكتشف الزاولة الصحيحة و بدء بتنفيذ الفكرة الصحيحة , و أنارَ المصباح ذلك اليوم ! .. و المدهش أنه امتلك هذه النظرة الغير منحازة لطريقةٍ معينة فلم يستسلم في كثيرٍ من اختراعاته .

النظرة العادلة تعني أنك تفتح لعقلك أفقاً أوسع مما كنت تتخيل ! .. و أي إنسان يدعي التقدم و الحضارة دون امتلاكه للنظرة العادلة يفتري على نفسه ما ليس فيه , فالحضارة و التطور و التقدم تعني انفتاح الآفاق الجديدة , اكتشاف العلوم الجديدة , تطور الإدراك و معرفة الدقائق عن العالم بعقلٍ واعٍ . 



بعد أن تدرك الأمور عن كثب , و تنظر إليها بنظرةٍ عادلة ( غير منحازة ) يمكنك أن تخرج عدستك المكبرة و تبدأ بتمحيص الزاوية التي اخترت أنها الحق لتكتشف كل ما في هذه الزاوية و لتتأكد من أحقيتها .. 
بالأمس فقط اكتشفت شيئاً رسّخ إيماني بالزاوية التي اخترتها .. كانت هناك قطعةٌ ناقصة لم أفهمها جيداً أو لم أفهم جيداً مكانها ربما .. بالأمس عرفت كيف كانت هذه القطعة مهمة فوقَ حدود تصوري , و عرفت أن مكانها في جذور أركان ما أؤمن به فأصبحت الصورة أوسع .. أصفى .. أجمل .. و أكثر رسوخاً في نفسي . 
كانت هذه المعلومة لا تبعد عني كثيراً .. و لكن أنا من لم تستخدم العدسة المكبرة جيداً .. 
رجاءً لا تقعوا في الخطأ الذي وقعت فيه .



 


و الآن فلنبدأ بالوعي أكثر بما يحيط بنا .. فلنبدأ رحلة الاكتشاف .. مغامرة اكتشاف الحقيقة .. و التمحيص و التطبيق 
كل حقيقةٍ جميلة تعرفها قم بتطبيقها , تعليمها , نشرها ليطبقها الآلاف , و اتخاذها جمالاً ينير الحياة .

الوعي ليس عقلاً يفكر فقط , بل عقلاً تتسع مداركه و إنساناً يكتشف الحق و يطبق ذلك في حياته .

جمعةٌ لا ننسى فيها الشهداء و الموتى , الأحياء و المرضى و كل محتاج .. و كل شخصٍ ساعدنا على أن نرتقي قرباً لدرجة الوعي .
جمعةُ دعاءٍ متفرد على ساحات الأدعية بتعجيل الفرج الإلهي , و أن نكون من الممهدين له .

جمعتكم وعيٌ يحيط بكم لتحيطوا أنفسكم و غيركم بالنور اللا متوقف .
جمعتكم وعيٌ يرتقي بكم إلى أعالي السماوات ..
جمعتكم مباركة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق