جمعة لقاء يَومِيْ




السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا بجمالٍ لا نهاية له .

في حياتنا كافة سوف نرى الكثير من الأمور , سوف نلتقي بالكثير من الأشخاص , سوف نجلس في أكثر من مكان , سوف نرى أكثر من فصلٍ من فصول السنة يحصل لنفس الشجرة , سوف نرى ألواناً أصواتاً أحاسيساً و كثيراً من الأشياء ! 
و لكن .. 
وسط هذا الازدحام من الكثير , هناك شيء مميز .. شخص مميز .. أو أمر مميز .. تلتقي به يومياً في حياتك . 
فكر قليلاً .. هل هو كرسيك الخشبي القديم ؟ هل هو قلمك الذي تحتفظ به ؟ هل هي سجادتك ؟ هل هي لعبة تحتفظ بها ؟ هل هي عائلتك ؟ .. 
فكّر بمجموعة أمور تلتقي بها يومياً .. و الآن فكر بشكل أعمق و اكتشف ما هو الشيء المميز لديك الذي تلتقيه بشكلٍ يومي ؟ الذي تقضي معه الكثير من الوقت في يومك بلا شرود أو تثاقل ؟ 
إن وجدت ذلك الشيء .. فهو الشيء الذي أريد التحدث عنه اليوم =) 



التفاصيل الدقيقة رائعةٌ و مذهلٌ وجودها في الحياة .. و هذا التفصيل الذي تحب وجوده في حياتك لدرجةِ أن تلتقي به يومياً هو مفصلٌ دقيق في الحياة , يلعب دوراً مهماً في حياتك , دوراً مهماً جداً . 
للتوضيح أكثر ..  فلنفترض أنك اخترت أنك تلتقي يومياً بدميةٍ أنت تحتفظ فيها .. فنحن نستطيع أن نقول بأن رؤيتك اليومية للدمية تذكرك في بعض االأحيان بأيام طفولتك , و تولد لديك شعوراً بحسب الذكريات التي كانت ترتبط بها هذه الدمية .. لربما هذا الأمر جعلك شخصاً يحب الاحتفاظ بالذكريات , و لربما جعلك مرهفَ الإحساس في هذه النقطة . 

لقاؤك اليومي بشيءٍ ما .. يولد لديك أموراً تتركب في عمق شخصيتك من دون أمرٍ إرادي منك .. لذا فهذا الأمر مهمٌ جداً , فهو يشكل عمقاً من أعماقك , و يجب عليكَ أن تحافظ على نفسك جميلاً , بعبارةٍ أخرى .. يجب عليك أن تبتعد من اللقاء اليومي بأي شيءٍ يكوّن داخلك عمقاً رذيلا .. أعتذر على سؤالي هذا و لكن .. - من يرضى بعمقٍ رذيل .. أوليسَ تفكيره رذيلا ليقبل بذلك ؟ - 

فكما هو الحال بشخصٍ لا يتكلم كلاما بذيئاً أبداً , و صاحب شخصاً ينطق لسانه سبابا و لعانا .. فبعد مدة من الصحبة و اللقاء الدائم و السماع منه ما ينطق , ستجري كلمة من تلك الكلمات على ذهن هذا الشخص الذي لم يكن يتكلم هذا الكلام و لو بينه و بين نفسه , أو سينطق بها علناً أمام أحد لا شعورياً .. و هذه هي نفس الفكرة التي أتكلم عنها هنا .

ما هي الأمور التي تشكّل عمقاً .. فلنقل عنه أسوداً في داخلي ؟
 كثيرٌ من الأمور أصبحت واضحةً جداً .. كشربِ الخمر و مضاره ناهيك عن إمحاءه للعقل الذي هو ميزة الإنسان فوق الحيوان , ليكون بلا عقل و بلا منزلةٍ أرفع من الحيوان . سماع الأغاني محرم شرعاً لدينا و لا نقاش في هذا أبداً .. فلو أردنا أن نتعدى الآثار السيئة التي تطبعها الكلمات المتناهية القبح على الأذن , سنرى كثيراً من الشياطين يحيطون بقرب من يسمع الأغاني و قذراةً تحيط به , فمابالك بمن اختار سماع الأغاني يومياً ؟ . جرح الآخرين على الدوام يولّد نوعاً من اللا اكتراث لدى الشخص .. و يظل يجرح و يجرح إلى أن يتحول إلى آلة صماء .. فيصبح فرداً زائداً على تعداد " البشرية " . القرب من شيءٍ قبيح يجرّك مستقبلاً لأن تصبح فاعلاً لأمرٍ قبيح , و لربما من أقبح الأمور التي تحصل " التفرقة بين الجنس البشري " , و لكَ أن تتأمل هذا الأثر جيداً , فلن أوضحه أنا بل سأترك الأمر لمن يريد عقله تأملها ليرى كل ما يجري في كل حرفٍ منها . 
حقيقةً فإن كل شيءٍ يجلب لك الأذى أو لمن حولك هو شيءٌ يترك بصمةً سوداء لا تمحى بسهولة من داخلك ! 
و كلما بحثت عن مثالٍ أدرجه هنا .. توصلت لنتيجة أن كل ما حرّمه الدين علينا فهو يقيناً أمرٌ يضرنا و يضر أعماقنا بشكلٍ قطعي . 

مثالٌ جميلٌ جداً عن اعتناق لقاءِ قربٍ يومي .. 
حينما أُسقطت قنبلة هيروشيما على اليابان ! و أودت بحياة الكثييييييرين بمعنى كلمةِ الكثيرين ! خلفت وراءها بقايا مجزرةٍ بشعة و جثثٍ متناثرة بشكلٍ مخيف ! أبنيةٌ متساقطة و زجاجٌ متناثر ! سوادٌ و صمت .. و طفلٌ يخاف من البكاء لكيلا تضربه قنبلة ! 
كان أمام اليابان خياران : إما أن تهتم بشأن الدولة مع الدولة , أقصد أنها ستصرف أموالاً لتهاجم الدولة التي هاجمتها . 
أو أن تهتم بشعبها من الداخل , و أعني هنا بأن تصرف أموالاً لعلاج الجرحى و إيواء الثكالى و الاهتمام باليتامى و تعليم الأطفال . 
و اختيار اليابان لشعبها لم يكن قراراً مفاجئاً .. بل جاء هذا القرار المذهل لأنها كانت تلتقي يومياً بالعِلم و الثقافة و الرقي و الاحترام قبل سقوط هذه القنبلة .. فبعدما انتهت المجزرة , ما كان منهم إلا أن ينهضوا بتلك الأخلاق الجميلة جداً التي اعتنقوها خطوةً خطوة , يوماً بعد يوم .. لقاءاً بعد لقاء . و ها أنتم ترون اليابان اليوم , كدولةٍ مستقلةٍ شامخة ! لها تأريخها الذي تفتخر به , و لها أخلاقها التي تعتز بها , و لها لقاءٌ يومي بالعلم ! 



من أجمل اللقاءات التي عرفتها , لقاء العبد بربه 
و هذا لقاء و علاقة تفوق الجمال جمالاً ! 
كلما حضر القلب , و خشع الإنسان .. كلما نهل من طهر السماء نوراً . 
الدعاء و التأمل .. المناجاة و البكاء .. الحب و الهدى .. النور و السماء .. الطهر و الكمال 
أعجز عن معرفةِ كنهِ ذلك الجمال..  في هذا اللقاء بالذات 
هو الوحيد الذي يسمع الجميع دون أن يتوه بين اثنين , هو الوحيد الذي يعلم ما ستقول قبل أن تقول ..
هو الوحيد الذي يستطيع أن يهيّء لك أسباب السماوات و الأرض لتحقيق هدفك ..
هو الوحيد الذي لا يمل سماعك و لا يمل إعطاءك .. هو من يَتَقبَل بحضرته كل إنسان .. 
هو من يحبنا دون شروط .. هو من يرزقنا أين كنا .. و هو من يتفقدنا كيف صرنا ..
هو من نودع أمورنا لديه لنلقاها في الصباح أجمل من الأمس .
:") 
هو الواحد الأحد , الفرد الصمد , الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كُفُوَاً أحد 
هذا هو اللقاء الوحيد الذي رأيته يشعّ نوراً بلا انقطاع , منذ الأزل و حتى اللا انتهاء .

هذا اللقاء اليومي .. سيتشكل في كل خطوةٍ و موقف تخطوه و تفعله .. خيراً و جمالاً .. لأنك تعلم يقيناً أنك دوماً بحضرته , فلا يليق أبداً بالعاشق أن يرتكب ما لا يحبه المعشوق . 
هذا اللقاء سيجعلك أجمل , أطهر , أنقى , أكمل .. سيجعلك تتصرف بالحسنى , تسمع الهموم و تطبطب على ظهر المهموم , تبتسم للجميع دون تفرقةٍ بين غنيٍ أو فقير , تساعد الجميع دون تفرقةٍ بين من ينتمي لما تعتقد و من لا ينتمي .. دون تفرقةٍ لمن يحمل لوناً كلونك و بين من لا يحمل .. سترى الوجود كلّه تجلياً لعظمة الواحد الأحد , و سترى الدنيا بألوانٍ بسيطةٍ جداً لا تحتاج للتكلف .. و ستمر هكذا جميلاً فيها , و سيبقى ذكرك جميلاً فيما بعد , و ستكون أنت فعلاً جميلاً . 


كلٌ منا لديه شيءٌ جميل يحمله ليكون أجمل في حياته 
و كلٌ منا لديه أمور يلقاها بشكلٍ يومي , و أنا متيقنة بأن هناك الكثير من الأمور الجميلة جداً 
لذا دمتم تلتقون يومياً بالجمال , و دام مستقبلكم يحوي الكثير من التفاصيل التي تقطر جمالاً على حياتكم و على حياة المحيطين


و تحت هذه السماء هناك الكثير ممن يعتنقون الجمال فَ عُرِفُوا بجمال ارواحهم نوراً 
جمعتكم جمال دعاؤكم , و دعاءٌ لا يخلو من ذكر الشهداء و الموتى , المرضى و الأحياء , و كل من كان سبباً لإلتقاءقكم بشيءٍ جميل يومياً . 
و دعاءٌ يتفرد على ساحةِ الأدعية : بتعجيل الفرج الإلهي . 


جمعتكم لقاءٌ يومي مع الجمال لكل من يحب النور
جمعتكم مباركة 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق