جمعة ( ماذا سيحدث الليلة ؟ )





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟ أتمنى أن تكونوا ممن يستطيعون استحضار موقفٍ جميل فعلوه مؤخراً ..
 
 
سمعت في السنة الماضية عبارة ًهزّتني , و لكن لم أكتب عنها .. و ها أنا مؤخراً سمعتها من جديد فقررت أن أكتب عنها اليوم
:
 
" الليلة .. العالم سينام الجياع لن ينتظروا .. للوعود التي صنعناها "
 
" Tonight .. the world will sleep , Hunger will not wait .. the promises we made "



اليوم سأضع بين أيديكم نسجاً بسيطاً , أتمنى أن يكون خفيفاً لا يطيل على وقتكم .

[ اقرأ + ساعد ]

 
كم من ليلةٍ مرت على الجوعى و هم يعانون من الفقر الذي نزل تحت خط الأحمر بشكل مخيف ؟!
و هم لا يملكون لنفسهم شيئاً سوى بريق أعينهم يهدؤون على صوته لتغفو أعينهم لصباحٍ مخيفٍ آخر .. و يأتي ذلك الصباح و تقطع الشمس ذلك الخوف , فينتظرون إنساناً يأتي حاملاً لأطفالهم الرغيف .. و ينقضي ذلك الصُبح بعد تمتمات الريح لحفيف الشجر و هدوء صخب أمواج البحر , و تغيب الشمس و يخيّم اليأس من جديد .. فلا الشمس بقيت معهم و لا ذاك الإنسان جاء .. و الأسوء أن أطفالهم قد ودعوا الحياة أمامهم!
و يأتي انتظارٌ تلو انتظار ..
 بعد ليالٍ طِوال من الارتقاب .. قررت مجموعة من الناس تحت اسم " منظمة " بأنها ستهيئ العيش الكريم لهم , و ستمنحهم مياهً نظيفة و ملابس جديدة , طعاماً و هدوءاً .. جمالاً و أمناً ..
و انقضى ذلك اليوم بسعادةٍ غمرت كل الجياع , فالغد سيكون أفضل !
.. و جاء الغد , و بعد الغد , .. و مر أسبوع , شهر , و انقضت سنة ..
و كل ما رأوه هو عدة أرغفة خبز بين فترات متباعدة !
.. فعاد اليأس , و لربما عاد بعضُ انتظار , و عاد بريق أعينهم ليكون أمانهم و ملاذهم في جوعهم .

 جاءت مجموعة ٌ أخرى ساءها حال الجياع ! فقررت أنها ستخصص جزءاً من مصروفها اليومي لتشتري الرغيف يومياً لهؤلاء الجياع فعلّها تسكت جوعهم و تنقذهم من هذه الحالة !
استمرت الأرغفة تتوالى على أرض الجياع لمدة 21 يوم , و بعدها لم تستطع تلك المجموعة إكمال مشروعها !
و عاد الجوع يخيّم على بطونِ القاطنين هناك ! , بيد أن هذه المرة كانت لديهم الطاقة للبكاء و النحيب بصوتٍ عال , و في تلك الليلة ذاقوا طعم النوم .. فقد أرهقهم البكاء و أتعب حناجرهم و قارب صوتهم للنفاذ .. و غطّوا في نومٍ عميق .
استيقظوا على إضاءة كاميراتٍ تصور تقريراً للتلفاز , و لمحوا من البعيد رجلاً يوزع الأرغفة .. فظنوا بأن العالم قد أدرك أخيراً معاناتهم و قرر التعاون معهم ! و بالفعل أخبرهم الرجل بعد أن ذهبت الكاميرات بأنه سيبذل قصارى جهده لتوفير الطعام لهم يومياً و لتوفير اللباس لهم .
وصلتهم مجموعة كبيرة من الملابس في اليوم التالي و اختارَ كلٌ منهم ما يناسب مقاسه ؛ فهنا لا يتم البحث عن لونك المفضل أو تصميمك المفضل , بل يكفي أن تجد ما يسترك بشكلٍ مناسب لحجمك فقط .
كان صباحاً مبشراً بالخير , فأخيراً قام أحدهم بكسوتهم جميعاً , و لكن هذا ما يختص باللباس , بقي عليهم رؤية صدقه في توفير الطعام لهم يومياً أيضاً. . .
استمر توافد الطعام عليهم لمدة 29 يوماً , أي شهراً ينقصه يومٌ واحد , أي 29 يوماً من سد الجوع بلقيمات تكفي , أي 29 يوما من الابتسامات التي تفوق جمال طعم الرغيف أول الصباح , أي 29 يوما من الجمال
 و في صباح اليوم الثلاثين ! ... وصلهم نبأ موت هذا الرجل !
بدأ تدريجياً الطعام يقل و علموا أنه سيختفي بعد اختفاء ذلك الرجل العظيم بفترةٍ بسيطة !
احتاج الموضوع لأسبوعٍ واحد فقط و من ثم اختفى توفير الطعام لهم !
اختفت أعدادٌ مهولة من الجياع , فهناك من قضى عليهم الفقر , البرد .. و بعضهم سرقه الموت فجأة , البعض من تلوث المياه , آخرون من عدم إيجاد ما يسدون به رمق جوعهم !
قرروا أنهم هذه الليلة لن يناموا بكاءًا و حزناً على كل هذه الأوضاع , بل سيجعلون هذه الليلة تمر بسلام .. فعسى أن يأتيهم وافدٌ في الغد و يقرر منح من تبقى منهم قليلاً مما يملك .
توافدت المجموعات و المنظمات و الأشخاص و الكاميرات ,  و توافدت الوعود تلو الوعود
بيد أنه لم يتم حل الأزمة بشكلٍ نهائي أبداً ..
فتلك المجموعة تعدهم , و ذلك الرجل يعدهم , و تلك المنظمة تقوم بوعدهم , و و و و و و ..
و تبقى الليلة تأتي لتواريهم تحت كنفها , و تواسي جوعهم بنجومها ..
و يتناقص عددهم واحداً تلو الآخر بشكلٍ مخيف .. و يبقى من يبقى مترقباً لدوره أكثر من ترقبه لوعود الناس ..
أصبح الفرد ينتظر الموت أكثر من انتظار عطف البشر
فلربما أدركوا أن كثيراً من البشر " وعودهم " كلماتٌ تخرج بسرعة من أفواههم دون تحملهم لمسؤوليتها , فأصبحوا لا ينتظرون منهم شيئاً و لا حتى " كلماتهم " تلك ؛ لئلا يتمسكوا بخيط أملٍ لن يبصر النور يوماً
و لئلا يفقدوا أرواح أطفالهم و هم ينتظرون ذلك الحلم البعيد "( ..

 
 
 
الليلة العالم سينام , و لكن الجوعى لن ينتظروا للوعود التي خرجت من الأفواه عبثاً بلا مسؤولية!
فمع كلِ وعدٍ لا ينفّذ , تروح أرواحٌ كثيرة إلى عالمٍ الموت !
 
 
و لكن مهلاً ..
إن ساهمنا و لو بالقليل .. فستتغير هذه الليلة و لن تصطبغ بالسواد


يمكننا تغيير وضعهم بـ التبرع , و لو بالقليل
فـ " لا تحقّرن صغيرةً .. إن الجبال من الحصى "


يمكننا المساهمة في صُنعِ فردٍ , مجتمعٍ , جيلٍ .. واعٍ و محبٍ للمساعدة , معتنقٍ لسياسة اللا عنف و متفهمٍ للغير .. و هو بدوره سياسهم بطريقةٍ ما في مساعدتهم و صنع من يساعدهم .


يمكننا المساهمة في تغيير يومهم بما وهبنا الخالق من موهبة , إن امتلكنا موهبة الطبخ فلمَ لا نساعدهم بالطعام ؟ إن امتلكنا موهبة حسن الاستماع , فلمَ لا نستمع لهم و نخفف عن همومهم ؟ إن كانت موهبته في التعليم , فلمَ لا يساهم برسم المعرفة في عقولهم ؟ إن امتلكنا موهبةً ما .. فلمَ لا نستثمرها في إعطاءهم فرصةً للعيش , فهناك عدد من العظماء هناك ينتظرون الفرصة فقط للإشراق !


حلمهم و يومهم .. سواد ليلهم و كآبة صبحهم .. كانت ستدوم دوماً لولا أن الدعاء يعطيهم صبغةً من السماء , صبغةَ أملٍ لوعدٍ لا يمكن أن يُخلَف ..
و نحن بدورنا يمكننا الدعاء لهم , مساعدتهم بما نستطيع , التبرع بالمال باللباس بالطعام , تسخير بعضٍ من وقتنا لمساعدتهم كيفما استطعنا

 
بالمناسبة : لمن أراد الاشتراك في الجمعة الفائتة , التسليم الاسبوع القادم .. و لمن لم يقرأ الجمعة الماضية فـ من هنا .
 

همسة : أنتم قادرون على رسم ابتسامةٍ لا تُمحى على تلك الوجوه =) .

جمعتكم دعاء للشهداء و الموتى و المرضى و الأحياء , و للمحتاجين جميعاً
و دعاءٌ يتفرد على ساحة الأدعية : بتعجيل الفرج الإلهي

جمعتكم : ليلةٌ تساهمون في تغييرها .
( قبل النوم بعد أن تنتهوا من محاسبة أنفسكم , فكروا في هذا السؤال قليلاً, بعد المساعدة التي قدمتموها..  ماذا سيحدث الليلة ؟ )
 
 


 
 
 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق