جمعة انتظار


 

 
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف حالكم جميعاً ؟
أتمنى أن تكونوا عقولكم و أرواحكمْ و أعمالكم في سماءِ القرب .
 

هناكَ مفهومان يختلط على الكثيرين معناهما و يظنونهما نفس المعنى ..
ألا و هما : انتظار الشيء , و تمني الشيء .
كلامي هنا عن الانتظار و ليس عن تمني الشيء ..

 
حينما تنتظر النبتة أن تَكبُر .. فهي تحلل ضوء الشمس و العناصر المعقدة في التربة و تجتهد لتحصل على ثاني أكسيد الكربون و تقوم بإنتاج غذائها لتكبر يوماً بعد يوم ..
 
حينما يريد المهر ( صغير الحصان ) أن يكبر .. فإنه لا يجلس مكانه و يتمنى ذلك في أحلامه الوردية فقط ! بل هكذا لن يتحرك و لن يأكل و لن يشرب و لن يحيى و سيموت في نهاية المطاف !
من سيكبر , لن يكبر في دقيقة و ثانية فقط ! , بل سيستغرق الأمر بعضاً من الوقت .. لذا فهو ينتظر أن يكبر , و لكن الانتظار ليس مثل التمني .. فمن أجل أن يكبر لابد أن يتحرك و يأكل و و يتعلم مهارات الصيد و المشي في الماء دون الغرق و و و و و .. و بعد فترة من الوقت سيكبر عمره .

من ينتظر النجاح فإنه يعمل من أجله , يدرس من أجله , يضحي ببعض من وقته لأجله , يجعله نصب عينيه في كل خطوة , يتحدى كل الصعوبات التي تواجهه في طريقه لأنه يعلم أن لديه هدفاً مهما يريد تحقيقه و ينتظر أن يكون واقعاً ..
بينما على العكس تماماً , من (يتمنى) النجاح .. يغمض عينيه و ( يكبر الوسادة ) و ينام غارقاً في أحلامٍ وردية يلبس فيها ثوب التخرج الأسود و يحمل شهادة التفوق بيده .. و حينما يستيقظ يرى كابوس الرسوب فهو لم يدرس لامتحاناته , و لم يجتهد لبلوغ هدفه , و لم يكن مهتماً بدرجاته !

النقطة التي أريد إيصالها : كلُ من لديه هدفٍ كبير و ينتظره , فإنه يمهّد له .. خطوة بخطوة .. يوماً بعد يوم .. يجتهد مرةً تليها أخرى إلى أن ينتهي من وضع آخر نقطة محققاً هدفه على أرض الواقع . فكما يقال " خطوة الألف ميل تبدأ بخطوة " .

من ينتظر ( و ليس يتمنى ) الفَرَجَ الإلهي و النصر الموعود .. فإنه يجتهد بكل ما يستطيع بأن يمهّد الأرض بالجمال و العدل و الإتقان .
 أن يوسّع القابليات لإدراك الإنسانية و الحقائق , يعمل بكل فضيلة فيبدأ هوَ بها و يقلّده آخرون " فيكون هو التغير الذي يريد أن يراه في العالم " , كيانه يشتاق جداً لذلك النصر الموعود فتغدو كل خطواته ارتقاءً لسلم التحقيق .. خطوةً خطوة .. عملٌ يليه عملٌ أفضل .. إتقان و صدق .. و جمالٌ يُأَصَّل في كل الكيانات المحيطة .. فيملأ النور الأعماق و يغدو الجميع ممهدين لذلك النصر .. و بكل خشوع يضعون آخر نقطة فيكون موعد اللقيا و يكون الفَرجُ الإلهي واقعاً على أرض الحياة ..

كلُ من لديه حلم , طموح , هدف , رسالة , نصر واقعٌ و لو بالمستقبل .. فيجب عليه أن يبدأ من الآن بعملٍ ما ( و لو كان بسيطاً ) ليقترب من تحقيق حلمه .. يقيناً بعد فترةٍ سيلاحظ تقدماً لم يكن سيبدأ أو يتحقق لولا تلك الخطوة البسيطة .

جمعتنا لا تخلو من الدعاء للشهداء و الموتى فلهم حقٌ علينا , و للأحياء و المرضى و كل محتاجٍ و كل حزينٍ أينما كان في هذا الكون ..
و دعاءٌ يتفرّد على ساحات الأدعية بتعجيل الفَرَج الإلهي و أن نكون من الممهدين له و من أنصاره .

جمعتكم انتظار - و ليس تَمَنٍ - لأحلامٍ تتحقق
جمعتكم مباركة ..





 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق